بتاريخ 1 يونيو 2021
أصبح مفهوم الهوية الرياضية الشغل الشاغل للمجتمعات لأنه يرتكز على السياق الثقافي من حيث التكوين, مما زاد التأكيد الحضاري على أهـمية تعزيز الهوية في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية ومنها المجال الرياضي من خلال عملية التنشئة الاجتماعية بحيث تصب في المجتمع من خلال الشخصية والأدوار التي تؤديها في البيئة الإنسانية, لأن عمـلية إكتساب الهـوية تعد من الوظائف الأساسية للتنشئة الرياضية وهي بوابة الانتماء إلى ثقافة المجتمع ، تنطلق الهوية من منظور إجتمـاعي من الإحسـاس الواعـي للإنسان بالتفرد والتضامن مع قيم الجماعة ومثلها فهي مجموعة أنماط تقع في الـشخصية وفي مركز ثقافتها الاجتماعي ، إقترح (Erikson) مفهــوم الـهوية من خلال نظريـته في النمو الاجتماعي , ويعتقد إريكسون أن تطور الأنا يمتد الى مرحلة ما بعد الطفولة وأن تشكيل الهوية يستمر طيلة فترة الحياة مع حدوث أزمة الهوية الرئيسية خلال مرحلة الـمـراهقة ، إن تشكيل الهوية يـعتبر المهمة الرئيسية التي تـحــدث اثناء فترة المراهقة (Erikson:1968) حيث يتوج الإكمال الناجح لهذه العملية بشعور من الاستمرارية الـذاتية مما يمكن المراهقين من الشروع في مهمات بنجاح بعد البلوغ , ومن بين المراحل ذات الأهمية الخاصـة خلال فترة الدراسة في الجامعة أو المراهقة المتأخرة هي المرحلة الخامسة التي يواجـه الفرد خلالها أزمة بـين تحقيق الهوية ونضال الهوية مع الأخذ في الاعتبار أن عملية تطور الهوية تبدأ خلال فترة المراهقة المبكرة, وتتميز هذه المرحلة ببداية سـن الرشد, وهي إحدى عشرة سنة للإناث وأثني عـشر سنة للذكور, إذ أن فترة الـمراهقة متغيرة للغاية, فضلاً عن أن هناك خمسة أحداث تشير الى نهاية فترة المراهقة وبداية مرحلة البلوغ, وتشمل تلك الأحـداث الانتقالية مغادرة المدرسة ,والدخول إلى السوق والانتقال خارج العائلة, الزواج , وبدء عائلة .
فاختيار التخصص الرياضي وبـرامج التدريب من خلال برنامج التعاون أو التدريب والتوقعات الحالية الأكثر من أي وقت مضى للتفـوق في كل شيء, جميعها لها تأثير على تحديد الـهوية المثالية للاعب, على الرغم من الافتراض بأن الهويـة الـمتأخرة قد تنتهي بشكل اعتيادي عنــد سن 18 سنة, فإن السن الذي ينتهي فيه المراهق وتبدأ بعدة مرحلة الرشد في تزايد كبير .
ما هي أنماط الهوية الرياضية
- هوية الأنا: وتحدد من خلال الأيديـولوجيات والمعتقدات التي يحـددها الفرد لنفسه وتشمل أربع مجالات هي المعتقدات الدينية، السياسيـة، الـمهنية، وفلسفة الحياة .
- الهوية الاستقلالية: هي قدرة الفـرد الرياضي على الاتجاه نحـو الهدف المقصود بصورة تتضح فيها مظاهر المبادرة والابداع والفطنة والتبـصر بالعـواقب وعدم التأثر بسلوك الاخرين .
- هوية ضبط النفس: بأنها القدرة على التحـكم الفرد في سلوكـه أثناء المواقف التي تتميز بالاستثارة الانفعالية القوية مثل حالات الفشـل او الهزيمة أو الحمل الـزائد أو عند ظهور بعض العقبات التي تتميز بدرجة عالية من الصعوبة .
- هوية المثابرة: هي القدرة الفـرد على الاحتفـاظ لفترة طويلة بدرجة عالية من النشاط والحـيوية حتى الوصول الى الهدف وعدم التحول عنه حـتى ظـهور مصاعب غير متوقعة .
- هوية الشجاعة والجرأة: هـي عملـية تربوية هدفها تقليل الخوف في المواقف المـنافسة المخـتلفة ومن الصعب تنمية الشجاعة عند الرياضـي ما لم يتعرض الى مواقف تشبه مواقف اللعب الحقيقية .
- الهوية الاجتماعية: وتحدد من خـلال اختيارات الفرد في مجال الحياة الاجتماعية، وتشتمل على أربع مجالات هي الصداقة، طريقة الاستـجمام أو الترفيه، الدور الـجنسـي، والعلاقة بالجنس الآخر .
- هوية الدافعية: بأنها ” الطاقة الحيوية الكامنة أو الاستعـداد الـفسيولوجي النفسي الذي يثير في الفرد سلوكاً مستمراً متواصلاً لا ينتهي حتى يصل إلى أهـدافه المحددة سواء كان ذلك السلوك ظاهراً يمكن مشاهدته أم خفياً لا يمكن مشاهدته وملاحظته .
- الهوية التنافسية: أوجه النشاط الظاهر الذي يمكن ملاحظته بوساطة الآخرين بالعين المجردة أو تسجله ورصده بالأدوات المختلفة كالكاميرا العادية والسـينمائية وتشـمل النشاط اللفظي والحركي والاشارة وهذه الأشياء مادية محسوسة أي موضوعية .
الهوية الرياضية والقناعة الرياضية:
القناعة الرياضيـة هي عامل هام في علم النفس الرياضي, وأنـها إتجاه أو ميل ايجابي ,ناتجة عن تقييم معقد من البناء والعمليات والمخرجات المرتبة بالخبرة الرياضية, لـذلـك فان القناعة الرياضية تـمثل مدى سعادة ومستوى الرياضيين وخبراتهم, إن القناعة ليست فقط نتائج أو مخرجـات البيئة وكنها تتـأثر بالجينات والفروقات الفردية , وقد وجد بـأن الأفراد أو الاشخاص ذوي التأثير العالي أو الميل قد يكونوا أكثر إستمتاعاً وسعادة, يميلون لأن يكونا اكثر قـناعة بأعمالهم الرياضية بـغض النظر عن حالتهم وحسب المعطيات هناك جوانب داخلية لدى الرياضي, والتي قد تؤثر على مستوى القـناعة , ان الهـدف الأساسي هو اكتشاف العلاقة بين الفروقات الفردية في الهوية الشخصية لدى الرياضي والقناعة الرياضية وتعود الهوية الشخصية الرياضية إلى مدى تحديد للاعب الرياضـي إلى دورة الرياضي , فنحن نتوقع أن اللاعب ذا الهوية الرياضية الاقوى سوف يستمد قناعة من الجــوانب الرياضية أكثر من هـــؤلاء الرياضيين ذوي الهوية الرياضية الضعيفة .
الهوية الرياضـية والهوية الذاتية:
إن الافراد لديهم هوية شخــصية (ذاتية) متعددة الابعـــاد تتحكم في كيفية رؤيتهم لأنفسهم في العلاقات و الحالات المختلفة وعلى سبيل المثال فان الكلية الريـاضية التقليدية توازن بين العديد من الهويات حيث ان الطالب يمكن ان يكون رياضياً, واعتماداً على هذه الـحـالة فان الفرد يمكن ان يرجع الى هوية او اكثر للتأكد على كيف الافراد يشعرون او يتـصرفون في حالة معينة
عناصر تكوين الهوية:
يكشف اريكسون ثلاثة عناصر فـي تكوين الهوية هي .
- الأدراك المباشر لاستمرارية الـتماثل الداخلي ,أي أن الفرد يـدرك نفسه في الحاضر والماضي , أي أنه يرى الشخص نفسه .
- التيقن من إدراك الاخرين هذه الاستمـرارية ,إن الاخرين يرونـه في الحاضر الشخص نفسه الذي كان في الماضي.
- زيادة الثقة في استمرار تطابق ما بالداخــل والخارج أي بمعنى أن تفاعلاته مع الاخرين تؤكد إدراكه لذاته, تدعم إحساسه المماثلة الداخـلة.
رتب الهوية:
- الهوية المعلقة : الشخص في هــذا النوع من التصنيف يكون في حالة أزمة, وهو نشيط بشكل كبير في البحث عن الحلول المناسبة من اجل الوصول الى الخيارات الصحيحة للهوية .
- الهوية المغلقة: في هذا التصنيف من الهوية لم يميز الشخص أزمة الهوية , ولكنه ملتزم بقيم ومعتقدات الاشخاص المهمين في الأسرة كالأب أو الأم .
- الهوية المشتتة: في هذا النوع من الهوية لم يميز الشخص الان أزمة هويته , ويعني ذلك التعهد أو الالتزام بالمعتقدات أو المهنة أو الأدوار , ولا توجد أي دلائل تشير على أن الشخص يحاول بشكل نشيط إيجاد سمة للهوية لدية.
- الهوية المنجزة : في هذا النوع من الهوية قد يكون الشخص نجح في التزاماته وحقق ما يصبو اليه من إنجاز , بحيث يكون الفرد ملتزم بأخلاقيات العمل والأدوار الاجتماعية في المجتمع .
العوامل المؤثرة في تطوير الهويـة:
- العوامل ذات العلاقة الشخصية: تصنف هذه العوامل الى ثلاثة يشمل العامل الاول المراهقين الذين يفترضون سهولة الوصول الى الحقيقة المطلقة دائماً فهم يميلون إلى انغلاق الهوية , اما النوع الثاني المرهقون الذين يفتقرون الى الثقة حول معرفة أي شيء عن الهوية يعدون في معظم الاحيان مشتتي الهوية, اما النوع الثالث والاخير فهم المراهقين الذين يقدرون امكانية استخدام معايير عقلانية للاختيار من بين البدائل المتوقعة التي على ضوئها يمكن أن يصلون إلى مرحلة تحقيق الهوية .
- العوامل التي تعود إلى الأسرة: تعد الأســرة اللبنة الأساسية في بناء المجتمع , ويرى العالم اريكسون أن بداية تكوين الهوية النفسية يعود تاريخها إلـى محــــاكـــــــاة الطفل للأشخاص المهيمنين في حياته كالأب و الأم حيث يتبعهم في جميع تصرفاتهم .
- العوامل المعرفية : تعد المعرفة عاملاً مؤثراً في اكتساب الهوية الشخصية لكونها تمكن الشخص المراهق من أن يكون قادراً على تحديد إمكاناته وقدراته بصورة صحيحة , اذا كان البعض الاخر يرى أن هذه القدرات تعين المراهق في بحثه عن هويته ,ولكن البعض الاخر يرى أن هذه القدرات عند المراهق تريد منه صعوبة البحث عن الهوية ,لان المراهق يصبح قادراً على التنبؤ بكل أنواع او الاحتمالات بالنسبة للهوية
- العوامل الاجتماعيــة : للبيئة الاجتماعية الذي ينشأ فيها المراهق لها دور كبير في التأثير على الشخصية وخاصة بعد المرحلة الثانوية, من المراهق الذي تتوفر لدية فرصة الالتحاق بالجماعة تكون له فرصة التعرف على افكار مختلفة وهذا يشجعه على التفكير باستقلالية في القضايا المختلفة, وكثيراً ما توفر سنوات الدراسات في الجامعات الفرصة لحدوث التأهيل على نمو يسمح بتكوين الهوية وفق اسس متينة , أي أن مدة الدراسة في الجامعة تمثل فترة التأهيل بعدها يحدد المراهق اتجاه هويته على النمو الذي يراه مناسباً .
أ.د. عبد الودود احمد خطاب الزبيدي – أستاذ علم النفس الرياضي – جامعة تكريت